الخميس، 28 يونيو 2012

الفيضان

الفيضان
 
فجر هذا اليوم  القى النيل كما اعتاد منذ ثلاثين عاما  نظرته الحزينة على طيور الأشجار  وقد احنت رأسها وانقصم ظهرها وصرخت بطونها جوعا كما صرخت قلوبها ألما  وعيونها دموعا ودما .
ينظر الى عينيها البائسة فيرى الحزن قد تحول الى حقد وغضب .
فهاهو الطاووس يتجول بينهم متغطرسا وقد اعماه الغرور
تسألون النيل وهل كان جميلا؟
يرد عليكم لا انه لم يأخد من الطاووس جماله بل أخذ منه مشيته الخيلاء
يمشى متباهيا مبتسما يلقى نظراته المتهكمة على الجمع المراقب فوق الاشجار
قد تخيفه النظرات الحاقدة وقد ترعبه ادنى حركة تقوم بها العصافير الضعيفة
لكنه مطمئن اذ يصحبه سرب غربانه وان كان قلبه لايزال يرتجف من ثقل النظرات
مضى الطاووس بزبانيته نخو قصره العالى  وفى داخله اختبىء
لا تقولوا فى داخله استقر او حيث يعيش
فالقصر على وسعه ليس سوى جحرا  لامثاله من الفئران
تعودون لسؤال النيل  أكان فأرا أم طاووسا؟
يرد عليكم لقد كان دوما فأرا يعيش مختبئا فى جحر فسيح ويحيط نفسه بسرب من غربان وحدآت الجبال.
لكن الزمان الطويل  ومعايشة الجوارح واعتياد ظلم أسراب الطيور احاله طاووسا
يستئذكم النيل ليعود الى نومه  تتمنون له النوم الهادىء والحلم الجميل
فيفاجئكم بالاستيقاظ.
تسألونه لما لم تنم ؟
يرد عليكم وهل ترون حقا ما ارى ؟
تنظرون الى اسراب الطيور فتجدون راسها ارتفع وظهرها انتصب وجفت دموعها وان لايزال قلبها يدمى
تجدون اجنحتها التى لم تسمعوا صوت رفرفتها منذ عقود ثلاث تطرب مسامعكم
تجدون الطاووس قد عاد الى هيئته الاولى ودفعه خوف الفأر الكامن فيه أن يرسل غربانه مدرارا على الطيور النقية.
تجدهم يتجولون كالشياطين يرفعون مناقيرهم كمناجل الموت ويهوون بها  على العصافير المتخذة من الشجاعة مبدا ومن العزة اساسا .
ومن بعيد تلاحظون حدآت الجبال تغزو الاشجار تفتك بسكانها المساكين
بعضهم خاف وارتجى من الشجاعة أن تنطفىء
وبعضهم لا يزال مصرا على الكرامة شعارا لهم
قد تلاحظ بعض البوم ينخر فى سيقان الشجر
قد تجد بعض الطير الغريب يحاول اقتلاع الجذور
قد تجد الطاووس يطل من شرفة قصره  مرتجفا  مترددا
لا تسأل النيل عنهم  فقد فاض لفيضان طيور واديه وابتلع كل شىء
ابتلع الطاووس وقصره  ابتلع الغربان والحدآت  ابتلع البوم وأغرق الطير الغريب.
ولم يبق الا على اشجار محترقة ولكن جذرها ثابت فى الارض
على طيور مدماه ولكن راسها مرفوع للسماء
لا تخافوا على الاشجار ولا تبكوا الطيور
فالنيل سيطفئها بسلسبيله  وسيحوط الطيور بحنانه.
فبراير 2011
رضوى

هناك تعليقان (2):

  1. جميلة جدا جدا جدا..و افهم رمزيتها تمام الفهم،..
    لا تخافوا على الاشجار ولا تبكوا الطيور
    فالنيل سيطفئها بسلسبيله وسيحوط الطيور بحنانه..
    .. وانا مثلك متفاءل و الامل عندي لا ينطفئ أبدا..
    ...أحييكي على هذه القصة الرمزية الجميلة جدا و التي حوت أو رسمت واقعنا في لوحة رائعة..
    ..أسعد دوما بوجودي هنا..تحياتي

    ردحذف
  2. ميرسى يا أحمد على متابعتك ورأيك الجميل وياريت نفضل متفائلين علطول وان شاء الله بكره يبقى احسن

    ردحذف