السبت، 14 يوليو 2012

حق تقرير المصير

بعد الثورة ، حدثت تغيرات كثيرة ، لعل من أبرزها  هو أن الشعب المصرى وجد نفسه يقف وجها لوجه مع المصير . لأول مرة يكون من مسئوليته هو أن يقرر مصيره  . لم يعد هناك رئيس ولا وريث ولا بطانة ولا حزب ولا بلطجية تقرر له ماذا  سيكون مصيره وتتغاضى عن اجابة سؤاله الذى لا يزال بلا اجابة حتى الآن " هى مصر رايحة على فين " ؟
كثيرا ما تسائلت فى نفسى  هل تمتلىء برامج التوك شو فى الدول الأخرى بمثل هذا السؤال ؟ أم أنه يبث بشكل حصرى لدى الدول التى لم تمنح حق تقرير المصير مثلنا ؟
قامت الثورة وانتزعت لهذا الشعب هذا الحق غير منتظرة المنح لأن الحقوق لا تمنح ولكن الغريب أن السؤال مازال يتردد.
حتى الآن نحن لا نعرف الى أين نذهب وماذا سيكون مصيرنا؟
منذ امتلكنا هذا الحق وقد ظهر الكثير من المتطوعين لارشادنا الى الطريق الصحيح وعلى الرغم من اختلاف طرقهم الا أن كل واحد فيهم يزعم أنه هو وحده من يرشدنا الى الطريق الصحيح ، أما الآخرين فهم يذهبون بنا الى التهلكة.

هناك تيار اسلامى يتخذ من الشريعة شعارا وطريقا ويزعم أن الآخرين لا يريدون لشريعة الله أن تطبق وهؤلاء كفرة وعلمانيين وليبراليين وغير ذلك من المسميات التى ظهرت ويجب انزالهم عن خشبة المسرح لأنهم معادون للشريعة.

وهناك التيار المدنى أو الليرالى العلمانى كما يتم تسميتهم  يتخذ من الدولة المدنية والمواطنة شعارا وطريقا أيضا  ويزعم أن التيار الآخر يريد أن يفرض سيطرة مطلقة على البلاد باسم الدين تطوق الأعناق وتقمع الخريات وتعيدنا للوراء ويجب اسدال الستار عليهم .

وهناك التيار العسكرى الذى يرى أن كلا الطرفين يجب يختفيا فى غياهب السجون والمعتقلات كما كانوا  وتعود الدولة الى طريقها الرشيد فى ظل النظام القديم الذى يحفظ كيان الدولة.


وبين كل هؤلاء يقف العبد الذى تحرر حديثا عاجزا عن تقرير مصيره. هل يذهب من الطريق الأول ؟
ولكن ان فعل ذلك فهل حقا يكون قد وضع بيده الطوق على عنقه مرة أخرى ولا فارق سوى أنه لسيد آخر؟

هل يذهب فى الطريق الثانى وينزع عن جبهته وصمة العبودية للأبد ويعيش حرا كيفما شاء ؟
ولكن ان فعل ذلك هل سيكون معاد لله ولشريعته لأنه لم يساند المتصدين لتطبيقها ؟


أم يعود فى الطريق الثالث الى سيده القديم ؟
صحيح أنه سيسلسل قدميه بقيد العبودية مرة أخرى ولكن على الأقل سيرحم نفسه من عذاب الحيرة ومرارة الاختيار الذى ألزمه به ذلك الحق الذى يتمنى الآن لو لم  يستعيده يوما  .


أمام طرق ثلاثة يقف حائرا لا يدرى الى أين يمضى وما هى عواقب كل طريق منهم اذا اختار أحدهما ليسلكه.
يقف طويلا عاجزا عن اتخاذ أى قرار ، يتمنى أن يهبط عليه من السماء مرشدا سماويا موثوقا فى حديثه كالوحى ليسلم له نفسه تلقائيا ليقوده الى الطريق الصواب .


لايزال الكثير منا يقف مثله ، ينتظر من يثق به ليمشى خلفه دون تفكير  لأنه سأم البحث والفهم والوثوق فى من حوله .


كلما اعتقد أنه فهم ما يحدث من حوله ووجد من يثق به من بين كل هؤلاء المتطوعين ، يكتشف أنه كان مخطئا  حتى سأم كل شىء وفقد الثقة فى كل هؤلاء  ، فلم يجد بدا سوى انتظار الوحى الالهى الذى سيرشده  فهو الوحيد الذى يمكن الوثوق به.


ولكن هل هذا حقا ما كنا نبغيه حين انتفضنا لانتزاع حقنا فى تقرير مصيرنا مثلنا مثل كل دول العالم المتقدم ؟
15/7/2012
رضوى

هناك 3 تعليقات:

  1. مســاء المكان وما حوى
    الأخت الفاضلة ..
    " رضوى "
    :
    لقد قامت ثورتنا ، بعد ما شاء الله
    فمن وجهة نظري الضيقة ان الثورة المصرية
    نجحت بإرادة الله وبفضل دعـاء الكواهل و رحمة للأطفال الرُضع ، فلا فضل لنجـاح هذه الثورة إلا لله رب العالمين
    ولا أحد فينا تخيل او توقع إلى ان تصل الأحداث إلى ما آلت إليه .. إنها رحمة الله !
    ومن هذا القبيل ، ومن وجهة نظري الضيقة
    تقرير المصيـر . لشعب لا يعرف عن الديمقراطية أو الحرية .. إلا القليل ، شئ مُحال في الوقت الراهن ،
    فانظري إلي طبيعة كل الأشيـاء من حولكِ ،
    تجدن العجب العجــاب .. ينقصنــا الخبرة الطويلة حتى في أسلوب المحاورة و النقـاش ، الكل يبطش ، الكل يغتـاب
    الكل يتصيد الأخطـــاء ..
    وبالنهاية " استفتي قلبك وان أفتوك "
    تحيتي أختي الفاضلة
    وكل التقدير .

    ..
    ..
    ..

    أحمــ سعيـد ـــد

    ردحذف
  2. كلماتك تقريبا وصفت الوضع بحذافيره، منذ الثورة و ان أرفض مقولة الرهان على وعي الشعب..لأني من الشعب و عايش وسطه مش خواجة يعني عشان أتخم في وعيه !!
    ما يحدث هو وجود شعب بسيط وسط صراع نخب و قوى و تيارات فاسده بغيتها السلطة أو أي شئ اخر غير مصلحة الوطن،و قد عبرتي انت عن هذا...و لكن يبقى عندي الأمل في ( غلطة الحريف ) فربما كل هؤلاء يخططون و هذا الشعب ليس ضمن حساباتهم،قد يأتي سقوطهم جميعهم بأيديهم ليصعد هذا الشعب..و ان كنت أخشى ان صعد لا يعرف كيف يتصرف !!
    و لكن قد لا نحتاج للعلم بالشئ تماما لنفعله،قد نمارس الحرية و الديوقرطية ليس بالقوانين التي نجهلها و لكن بالمفهومية الدارجة التي أظن أن ضمن هذا الشعب من يتميز بها..تحياتي

    ردحذف
  3. طبعا انتي تدوينتك و اسلوبك رائع يا رضوى...و احب اقول لك ان في دول العالم الثالث حق تقرير المصير مش في ايد الشعب...ألثقافة الغالبة على معظم هذة الدول الحاكم مقرر المصير وحسب ما بيجي لونه بنتلون معاه..و غالبا هو بيجي حاكم عسكري فاشي او حاكم ديني فاشي و بيتبدلوا على بعض....حل الخروج من المأزق هو الثقافة وفهم الاتجاهات الاخرى الجديدة حتى تتصدى لمحاولات التشويه من الجوانب الدينية خصوصا ولانهم اكثر من يقوم بعملية اخراج الممثلين من خشبة المسرح و الاقصاء باستخدام عنصر الدين اللي هو بيكون اكثر تمسكا في المجتمعات الفقيرة القاتمة...

    الحل هو تيار ثالث لا ديني ولا عسكري و دعمه عشان يحصل تعادل بين كل الافكار ربنا يكرمك :)

    ردحذف